السؤال:
منذ فتحت عيوني وأنا أمام عنف وضرب في المنزل، إذا لم أكن أنا فإخواني أو أخواتي، حتى أمي إلى الآن.. ما الحل مع أبي!! تعبنا.. ليس فقط أصبح لدينا عقد نفسية، بل أحيانًا نكره الدنيا وما فيها، وأقول لماذا أبي يضرب أي بنت فينا؟ لماذا لا يوجد حنان في قلبه علينا؟ لماذا كل الآباء يحبون بناتهم ولا يقبلون أن أحدًا يضربهن، ويكونون هم الحماة لهن وسندهن في الحياة.. عمره الآن 70 سنة، لا نشعر أنه سندنا ولا هو الأمان لنا؛ فمن يكون الأمان لنا بعد الله؟! إذا سافر أو خرج من البيت يكون عيدًا ذاك اليوم.. ما الحل أرشدوني؟
طوال هذه السنوات ندعو الله أن يهديه، وصبرنا لكن لم أعد أتحمل.. ولابد أن أتكلم، أحس أننا نأخذ ذنبًا على سكوتنا على أنفسنا وعليه.. قد يكون مريضًا ويحتاج إلى علاج نفسي، ديني، اجتماعي.. كل شيء ناقص فيه! حسبي الله ونعم الوكيل.
الجواب:
أختي الكريمة:
حياك الله في موقع المسلم.
أسباب السلوك العنيف قد تكون وراثية أو انفعالية أو تربوية أو اجتماعية أو بسبب اضطرابات سلوكية أو نفسية أو عقلية. والشخص العنيف إما مريض أو ضحية لتربية أو قيم اجتماعية تربط بين الرجولة والبطش. ومن الأسباب كذلك الضغوط الخارجية والإحساس بالإحباط لسبب أو آخر ويكون السلوك العنيف نوعا من التنفيس.
فالوالد قد يكون تعرض في وقت من الأوقات لضغوط خارجية أو مشكلات أسرية أو غير ذلك لم يكن يستطع مواجهتها فكان ينفعل لأبسط الأسباب ويضرب من هم تحت ولايته، ثم تطور الأمر لسلوك لا يستطيع التحكم فيه، وربما يكون كارها له.
وقد يكون عانى من نشأة في بيئة تمجد الرجل الذي يقهر من هم تحت ولايته، أو تعرض للعنف في طفولته، فصار يكرر ما حدث له دون شعور. وربما كان مريضًا يعاني من اضطرابات سلوكية أو نفسية أو عقلية كما ذكر.
المهم في الموضوع أنه بوعي منه أو دون وعي يثور لأسباب معينة وقد تكون بسيطة في نظر من حوله، ولا يعقل أنه يضرب كل من يراه دون أي سبب، فالخطوة الأولى في حل المشكلة هي معرفة ما يثيره وتجنبه تمامًا، وتوفير ما يدعوه للهدوء.
الأمر الثاني: يستحسن أن يستشير الإخوان طبيبًا نفسيًّا يعرضون عليه تفاصيل حالته ويعالجونه إن كان محتاجًا للعلاج.
الأمر الثالث: الإحسان إليه قدر المستطاع، والتلطف في التعامل معه مهما بدر منه، فهو أبوكم مهما كان وحقه عليكم عظيم، وبره باب من أبواب الجنة يوشك أن يغلق- أمد الله عمره في طاعته-، كما أنه كبير في سنه ويحتاج للعناية والاهتمام. فالتعامل اللطيف، والمبادرة بالإحسان يلين القلوب، يقول تعالى: {ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم}. فكيف بمن لم يكن بينكم وبينه إلا وشيجة الأبوة ورابطة البنوة.
الأمر الرابع: الدعاء له ولكم، أن يصلحه الله ويهديه لأحسن الأخلاق، وأن يصلحكم ويعينكم على بره.
الأمر الخامس: الصبر، ورؤية الجوانب الحسنة في شخصيته، ومحاولة تناسي مواقفه الشديدة معكم، والتعامل مع سلوكه على أنه مرض تسعون في مساعدته على علاجه، لئلا تمتلئ القلوب بالمشاعر السالبة التي ربما كانت سببًا في عقوقه أو الإساءة إليه ولو دون قصد.
الأمر السادس: يمكن أن يلجأ الإخوان لإمام المسجد ليتحدث في خطبة الجمعة مثلًا عن مثل هذا السلوك وأثره على كل الأطراف في الدارين، وعن المفاهيم الخاطئة الشائعة في مجتمعكم والتي قد تكون سببًا في مثل هذا، وحكم الشرع فيها.
الأمر السابع: الاستعانة ببعض القرابة من أهل العقل والديانة في إسداء النصح له.
أصلح الله الوالد وهداه، ووفقكم لبره والإحسان إليه.
الكاتب: أسماء عبدالرازق.
المصدر: موقع المسلم.